الخميس، ١٥ نوفمبر ٢٠٠٧

كيف يفكرون؟ (1)

قرأت مقالا قديما للشاعرة إيمان بكرى.. لقد رأيتها لأول مرة فى برنامج القاهرة اليوم وكانت متألقة وهى تقرأ بعضا من قصائد ديوانها " الديك.. داتور" وهو ديوان سياسى رائع.. ويستحق كل التحية والإعجاب.. ولكنى صدمت عندما قرأت المقالة.. كانت تتحدث عن ثلاثة مواقف مختلفة وتعلق عليها .. وكان القاسم المشترك بين هذه الموضوعات هو " التشدد الاسلامى" من وجهة نظرها... أحد هذه الموقف لا أتذكره الآن أما الاثنين الآخرين فكان أولهما عن طفلة ذهبت لجدتها لتسألها " ستو... هو انت زانية؟" وذلك بعد أن سمعت أحد الشيوخ يقول أن المرأة التى تضع العطر لتجذب الرجال زانية.. بينما الجدة تضع العطر وهى واقفة بين يدى الله لتصلى .
وثانى المواقف كان عن شاب مترف أغرق أهله بالفضائح والعلاقات غير المشروعة وكانوا يحضرونه من أقسام الشرطة والبارات محاولين قدر الامكان ستر فضائحه ثم قرر الشاب الذهاب لأوربا وفرحت الاسرة لأنهم سيتخلصون منه وأيا كان ما سيفعله فى أوربا فلن يكون شاذا عن مجتمعها سواء من شرب الخمر او الزنا.. كانت المفاجأة أن الشاب الفاسد الذاهب لموطن الفساد من وجهة نظره تعرف على شاب آخر ملتزم وهداه الله على يديه فعاد إلى مصر وأطلق لحيته وطلب من أهله العفاف وتزوج من أخت صديقه الجديد وكانت منقبة.
وتعلق الكاتبة ايمان بكرى على الموقفين بأنه تشدد اسلامى وكيف يتزوج الشاب من واحدة لايعرفها هو ولا أهله ويتم الزواج سريعا وهو بدون عمل وأهله هم من سيتولى الانفاق عليه وعلى زوجته.
وأرد على الكاتبة بأن الفهم الخاطئ لدى البعض ( وخاصة لدى طفلة صغيرة) ليس مسئولية الاسلام وحديث الرسول صلى الله عليه وسلم يقول " أيما امرأة استعطرت ليجد ريحها الرجال فهى كذا وكذا، أى زانية" وفى رواية أخرى صرح بالكلمة فقال صلى الله عليه وسلم "" أيما امرأة استعطرت ليجد ريحها الرجال فهى زانية" فربط صلى الله عليه وسلم الزنا بالنية فى فتنة الرجال والله أعلم بمقصد رسوله.. ولم يتحدث عن امرأة استعطرت فى بيتها - وهو أمر مباح بالاجماع مالم يكن فى حضرة رجل لا يحل لها- خاصة وهى تصلى أى الغالب أنها فى خلوة.
وأما الموقف الثانى فعجبى من رأيها لا يكاد ينتهى أبدا.. هى ترفض الزواج من امرأة متدينة منقبة لأن أهله لا يعرفونها وترفض أن يتولى الأهل الانفاق على الشاب وزوجته.. وأنا بدورى أسألها وهل كانت أسرته تعرف الساقطات اللاتى كان يزنى بهن؟ وكيف سيعرفون هذه الاسرة المتدينة ومن الواضح من سياق الكلام أنهم ليسوا بمتدينين وأن كل ما كان يعنيهم هو السمعة والبعد عن الفضائح.. وأما من ناحية الانفاق فبالطلع يجب على الشاب أن يبحث عن عمل.. ولكنه يريد أن يعف نفسه سريعا ليحصن توبته ويمنع نفسه من الزنا واختار امرأة نحسبها على خير لتعينه على طاعة الله.. فتزوج وهو يعلم أن أهله قادرين على مساعدته حتى يستطيع الاعتماد على نفسه، فما العيب فى ذلك؟ وهل يضر الأسرة الانفاق على بيت يتكون من فردين وهى التى كانت تنفق عليه وعلى عدة ساقطات كان يعرفهن من قبل؟ هل مصاريف الأكل اليومية فى البيت أكثر من نفقات سهرة فى ملهلى ليلى وهل اللبن مثلا أغلى من الخمر؟؟ منطق عجيب وغير مفهوم تماما بالنسبة لى.
أعتقد أن هذه الطبقة تبحث عن إسلام " لايت " إسلام يتضمن الصلاة فقط وغالبا بغير انتظام وربما عمرة أو حج من باب التغيير كل بضعة سنوات على أكثر الآمال..ولكن بدون أى أحمال وفروض إضافية وبدون التخلى عن أى متعة اعتادوا عليها وبدون أى نصح أو إرشاد أو تغيير للمفاهيم.. يريدون من الاسلام ان يمنع أبنائهم من إحداث فضائح.. لا أن يصبح نظام حياة.
أعجب من أشخاص يفكرون بهذا المنطق وأنا أحدث رجلا ألمانيا أسلم بعد دراسة مستفيضة للاسلام على مدار سنوات اكتشف خلالها أن الإسلام نظام حياة متكامل ولي دار عبادة تزورها مرة كل اسبوع وتخرج لتمارس حياتك بالشكل الذى ترغبه.
أعجب من مقال قديم نشره أحد بقايا الشيوعيين لينادى العاقلين بانقاذ مصر قبل أن يدمرها عمرو خالد وأمثاله من الدعاة الجدد.. رغم علم الجميع بأن عمرو وأمثاله من المعتدلين بل وأحيانا ما يوصفين بالمفرّطين من كثرة تخفيفهم ولكن أمثال هؤلاء لا يتحملون أدنى قدر من المظاهر أو السلوكيات الإسلامية.. ومن لديه القدرة منهم على احتمالها فهو يطالب بالاسلام " المودرن " أو " اللايت " حيث لا أحد يصلى غلا بعد الأربعين عاما على الأقل والنساء لا تتحجب وحيث " ربك رب قلوب وأنا قلبى طاهر"

ليست هناك تعليقات: